(وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ) لاقتران نظرياتها الاعتقادية بأدلتها، وأحكامها العملية بوجوه منافعها، فلا تحتاج إلى دليل آخر يوضحها، فهى كالنور يظهر الأشياء وهو ظاهر بنفسه لا يحتاج إلى ما يظهره.
(وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ) الذين ظهر لهم الحق فاستحبوا العمى على الهدى حسدا لمن ظهر الحق على يديه، وعنادا ومكابرة منهم.
(أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ؟) العهود هنا هى عهودهم للنبى صلى الله عليه وسلم، ولما كان لفظ الفريق يوهم قلة العدد مع أن الناقضين للعهدهم الأكثر أضرب عنه وقال:
(بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) لأنهم لا عهود لهم، وهذا من أخبار الغيب، إذ أن أكثر اليهود ما آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولن يؤمنوا به، فمثل هذا الحكم لا يصدر إلا ممن يعلم خفيّات الأمور.
والخلاصة- إن الله سبحانه بين في هذه الآية حالين لأهل الكتاب: أولاهما أنه لا يوثق بهم في شىء، لما عرف عن كثير منهم من نقض العهود في كل زمان، ثانيتهما أنه لا يرجى إيمان أكثرهم، لأن الضلال قد استحوذ عليهم وجعلهم فى طغيانهم يعمهون.